"الشعب يريد إسقاط النظام". تحوّل هذا الشعار لازمة أساسية في حركة الثائرين العرب في بلدانهم المختلفة، انطلاقاً من التجربتين التونسية والمصرية. وما لبث أن تحوّل أيضاً لازمة في النكات الجديدة والحملات، من طراز "الرجل يريد إسقاط المدام" أو غيرها. كأن الإرادة هي بالضبط المفهوم الناقص أو الكلمة الغائبة عن تفكير الشعوب العربية، فبات استخدامها في النكات أيضاً دليلاً على محوريتها ومحورية البنية اللغوية التي سمحت بإعادة استدخال هذه المفردة في جملة من مبتدأ وخبر، حيث الخبر أيضاً جملة فعلية تحيي فعل الإرادة. لكن، خلف جدة الإرادة، يطرح الشعار أسئلة فوق ما يرد عليه. "الشعب"، من هو، وفي أي مكان اجتمع، ومتى اختار ممثليه في الساحة أو الميدان؟ أي كيف تمظهرت له إرادة؟ ولئن شاء اسقاط النظام، لا الحاكم فحسب، فلا شك أن هذا "الشعب" كان ذا مفهوم ما عن "النظام"، فأي مفهوم هو هذا؟ ثم كيف كان لهذا الشعب أن يحوّل إرادته فعلاً؟ هذه الأسئلة يتجاهلها غالباً المعلّقون السياسيون المنشغلون بتبعات الحدث على التوازنات والتحالفات الدولية، أكثر مما هم منشغلون بأولئك الناس الذين خرجوا من بيوتهم غير آمنين والذين يتم اختزالهم، سلباً أم ايجاباً، إلى توصيفات اجتماعية اقتصادية، كأن ما حدث كان قدراً مقدّراً لا مفاجأة فيه ولا حرية![b]