عادت مروة من المدرسة إلى البيت باكية حزينة, فحضنتها أمها بين ذراعيها وسألتها عن سبب بكائها, فقالت: إنني بذلت كل جهدي لأحصل على الدرجة العليا في الامتحان, ولكن نقصت علاماتي قليلا, وصديقتي هي التي نالت تلك الدرجة.
مسحت الأم على رأس ابنتها ثم قالت لها: لا تحزني يا ابنتي, إن أي نقص في علامات امتحاننا, أو في أي أمر من أمور حياتنا لا ينبغي أن يشعرنا بالعجز واليأس, لأن الله الذي جعل فينا القوة هو الذي جعل فينا الضعف أيضا, وفي كل شيء حكمة....
سأروي لك يا يا ابنتي قصة جميلة كي تأخذي منها عبرة تبقى معك مدى الحياة..
يحكى أن امرأة كان عندها جرتان كبيرتان تنقل بهما الماء من النهر إلى بيتها كل يوم.
وكانت إحدى الجرتين بها شرخٌ صغير يرشح منه الماء, فتصل المرأة إلى بيتها, وقد تقاطر نصف الماء على الطريق, ويبقى في الجرة نصفها. أما الجرة الثانية فكانت سليمةً لا ينقص منها شيء من الماء.....
وبقي الحال مع هذه المرأة مدة طويلةً, وهي تصل إلى بيتها بجرة مملوءة بالماء والأخرى نصفها, وبالطبع كانت الجرة السليمة مزهوةً بعملها, أما الجرة المشروخة فكانت محتقرة لنفسها لعدم قدرتها على إنجاز مهمتها بالكامل....
وبعد فترة طويلة من المرارة وإحساس الجرة المشروخة بالفشل تكلمت مع المرأة وقالت لها: أنا خجلة جداً من نفسي لأنني عاجزةٌ عن حفظ الماء كله بسبب هذا الشرخ الذي يسرب الماء على الطريق......
ابتسمت المرأة وقالت: ولكن أيتها الجرة المسكينة !!! ألم تلاحظي تلك الزهور الجميلة على جانبي الطريق من الجهة التي تكونين فيها, وعدم وجودها على الجهة الثانية عند عودتنا إلى المنزل؟؟؟ ألم تسألي نفسك عن السبب؟؟؟..
قالت الجرة: لا يا سيدتي..... لم أسأل نفسي عن السبب... فقالت المرأة: أنا أعلم أنك تفقدين نصف كمية الماء التي تحملينها كل مرة على الطريق.....لذلك غرست البذور على الطريق من جهتك حتى ترويها ونحن في طريق عودتنا إلى المنزل....
قالت المرأة للجرة: كنت أقطف من هذه الزهور الجميلة وأزين بها منزلي طوال هذه المدة, وأهديت منها أصدقائي وجيراني.... وكم أكون سعيدة ومسرورة عندما أمر في الطريق فأرى هذه الزهور , وأشم رائحتها الزكية!!!!......
ثم نظرت إلى المرأة إلى الجرة وقالت لها :لو لم تكوني على ما أنت عليه الآن لي أن أرى هذه الأزهار وهذا الجمال الذي يزين بيتي وبيوت أصدقائي.... فالفضل كله لك يا عزيزتي.....
فرحت الجرة بالكلام الذي سمعته من المرأة, وشعرت بأنها أنجزت إنجازا عظيما على الرغم من ضعفها ......فذلك الشرخ الذي كان يشعرها باليأس والعجز أشعرها اليوم ولأول مرة بالفرح والسرور مما أنجزت.....
ثم نظرت الجرة المشروخة إلى المرأة وقالت: ولكنني مع هذا الإنجاز أشعر بالحزن في داخلي من هذا الشرخ, فقالت المرأة: لا تحزني يا حبيبتي سوف أعالجك من هذا الشرخ, وسوف تصبحين سليمة تماما, ولكن لا أدري كيف سأروي تلك الأزهار الجميلة....
تفاءلت الجرة وفرحت كثيرا لأنها ستصبح سليمة, وستنتهي من ذاك الشرخ الذي سبب لها اليأس, وقالت للمرأة: إنني أعدك أن أكون مستعدة كل يوم لحمل الماء مرتين, مرة كي ترتوي الأزهار أكثر مما كانت تروى سابقا, ومرة من أجل حاجات البيت.... سرت المرأة بهذا الكلام, وعالجت الجرة من ذاك الشرخ..أنهت الأم القصة ثم قالت :ما هي العبرة التي أخذتيها من هذه القصة؟ قالت مروة :إذا كان عند الإنسان ضعف في داخله فيجب عليه أن يتقبله وأن لا ييأس منه , وأن يحاول التخلص منه , وأن ينظر إلى ما هو حسنٌ لديه ,وأن يستعين بالله ولا يعجز.......